Tuesday, July 8, 2014

لماذا يشغلنا تقسيم جيراننا ؟!

جماعة ما او مجموعة ما من البشر ارتبطت بعنصر مشترك فيما بينها و بنفس هذا العنصر انفصلت عن غيرها ممن حولها...كانها برادة الحديد في درس الفيزياء الشهير و قد اتجهت نحو احد قطبي المغناطيس من غير حول لها و لا قوة...ليست المشكلة في تميز جماعة ما او في ارتباطها بعنصر ما فغالبا هذه خاصية انسانية طبيعية تظهر حتى في البيع و الشراء...كل انسان فرد كان او جماعة له شخصية خاصة او على الاقل يحب ان يكون له شخصية خاصة...المشكلة تكمن في ان يتطور حب الخصوصية و التميز الى مرحلة مرضية يحدث فيها النفور من البيئة المحيطة و التبرا منها فكرا و مشاعرا ثم سلوكا فيحدث اولا التقوقع او الانغلاق على الجماعة في التواصل ثم يتطور الامر للاحساس بان البيئة المحيطة بالجماعة ليست فقط مختلفة عنها بل و معادية لها ثم يتطور الامر الى محاولة حسم هذه العداوة في معركة تنتهي بتعميم العنصر المشترك على البيئة المحيطة بالجماعة او بابادة الجماعة او طمس عنصرها المشترك كرد فعل لمحاولتها تعميمه او تتزن الكفتان اللتان فقدتا القدرة على التعايش المشترك كفة الجماعة اياها و كفة البيئة من حولها و يصبح الامر لا حل له الا الاستقلال التام لهذه الجماعة عن اصلها كجزء من بيئة اكبر لتصبح هي بدورها بيئة جديدة و بالطبع ستكون عرضة لتكرار نفس الدورة المرضية....
 و يتسلسل الانفجار...!
اذن القصة تبدا بامر طبيعي هو الخصوصية و التميز ثم تنتقل الى الاستعلاء و التكبر ثم النفور ثم العزلة ثم العداء ثم الصراع ثم الانفصال ثم الخصوصية داخل الكيان الجديد و هكذا....
واضح ان الانحراف ياتي من ان ترى خصوصيتك شرفا و خصوصية الاخر عارا...و واضح ان العزلة سواء بالتفكير او بالسلوك او بالموقع الجغرافي هي مفجر السلسلة الشيطانية...
القصة اذن قصة الانسان و نفسه و بالتالي هي مسالة عابرة للحدود السياسية بين الدول المعاصرة التي في حقيقتها ليست الا مجرد خطوط وهمية على ارض الواقع الجغرافي او مجرد حبر على اوراق الخرائط...و من هنا فان العدوى التى يصاب بها عقل فرد او مجموعة في بلد ما قد تعبر هذه الحدود الوهمية بكل سهولة بمجرد اتصال العقل المريض بعقول مشابهة او مهيئة لتقبل المرض نفسه في بلد اخر ...و معلوم اننا في زمان ثورة الاتصالات و ان تواصل العقول اصبح من ايسر و اسرع الاشياء... 
لا تحسبن انني احصر ما اقصده بالجماعة او المجموعة في اتباع دين بعينه او فرقة بعينها من اتباع هذا الدين...بالعكس فالموضوع صالح للتطبيق على اي فكر بشري سواء كان مرتبطا بالدين او بالسياسة او حتى بتكوين المجتمع ...او ربما باكثر من عنصر من هذه العناصر...او حتى كلها معا...
التطرف ليس فقط في فرقة دينية تتحجر واسع الدين على ضيق افقها و ليس فقط في فكر سياسي يرى نفسه صاحب المنهج الاوحد الصالح لكل زمان و مكان...و ليس فقط في قبيلة ترى انها اكثر مالا و اعز نفرا من القبائل الاخرى...
و بناء عليه...
طبيعي ان تحتاط الدول من انتقال هذه العدوى العقلية لشعوبها خاصة اذا كان الشعب المريض مجاورا لها...و طبيعي ان الانفجار حين يحدث لا تنتقي شظاياه ضحاياها...و لذا كان منه هذا اولى و الوقاية منه اوجب...
في الشرق الاوسط هناك عملية التهاب اشتعلت و دمرت و ينتظر طبعا ان تنتهي يوما ما...لكن كيف ستكون النهاية ؟! هل سنصل لنفس الصورة التي كانت قبل اشتعال هذا الالتهاب...؟!
اكيد لا...و اكيد ان الكل يريد ان يخرج من الازمة اولا...ثم ان بخرج منها افضل مما دخلها ثانيا...
ترى ماذا يخبيء القدر لهذه المنطقة...؟!!!
يا رب سلم...

0 comments: