Tuesday, April 1, 2014

القتل المعنوي


تأمل معي هذا الحوار القصير الذي من المؤكد أنك سمعته من قبل و لو مرة واحدة فقط في حياتك:
-          هل تعرف فلان...؟
-          نعم أعرفه...لماذا تسال..؟
-          توفاه الله تعالى يوم كذا...أو ترك منصب كذا....أو طلق زوجته فلانة...أو ترك العمل في مكان كذا...أو....غلخ
-          سبحان الله هل حدث هذا فعلاً....؟! لقد كان فلان هذا (.....و ......و......و.....)
بطبيعة الحال ربما يكون ما بين القوسين في السطر الأخير من الحوار السابق خيراً أو شراً...لكن دلالته الهامة أن الإنسان فينا لا يموت بموت (جسده)...بل إن جانباً (معنوياً) منه كان يرافقه في أثناء حياة الجسد يبقى حياً بعد موت الجسد يتذكره الناس بالمدح أو بالقدح رغم رحيل صاحبه عنهم....و كلنا كذلك صالحنا و طالحنا...
هذا الجانب المعنوي من الإنسان له تسميات كثيرة نسمعها جميعاً و نرددها ربما دون أن نتعمق في فهمها مع أنها تعكس أثر هذا الإنسان الذي حدث و يحدث بسبب تواصله مع المجتمع من حوله منها: (عمل الإنسان) و (شخصيته) و (سمعته) و ..إلخ
كما (يموت) الجسد بترك الروح له أو (يقتل) بإتلافه فتزهق الروح و تغادره عائدة إلى ربها سبحانه كذلك قد يقتل الجانب المعنوي لوجود الإنسان بقطع أو إفساد تواصله مع الحياة خاصة مع البشر...و هنا وقفتنا لأن هذا الأمر (قطع أو إفساد التواصل) يحدث (منا) و (لنا) جميعاً بشكل شبه يومي...و هوأمر خطير كما أسلفنا لأنه لا يرتبط فقط بالوجود بل (بمعنى الوجود) الإنساني...!
المثال الشهير هو مجالس النميمة)...
كم مرة جلست في (مجلس نميمة)..؟!
أيكون الكلام فيه عن الناس بحضورهم أو من وراء ظهورهم...؟!
أيكون الكلام فيه عمن يحضرون بالتصريح و المواجهة أم بالتلميح و المواربة...؟!
أيقال فيه عن الناس ما يسرهم أن يسمعوه أم ما يحزنهم أن يعرف عنهم...؟!
أيقال فيه عن الناس ما هو فيهم و ثابت بحقهم فعلاً أم ينسب لهم فيه ما ليس فيهم خاصة من خصال السوء و الأفعال المنكرة...؟!
أيحقق فيه أو يدقق في كل ما يقال أم يترك أي خبر ليحتمل ما يحتمل من صدق و كذب بنفس الدرجة...؟!
أيفكر أي من الحضور فيه في أثر كلمته التي قالها على من قيلت في حقه سواءاً في حياته الشخصية أو الاجتماعية أو المهنية أو...إلخ أم يلقي بكلمته جزافاُ أو ربما قصد منها في أحيان كثيرة الأثر السلبي على من قيلت بحقه ...؟!
لاحظ أن مجلس النميمة ليس بالضروري أن يكون (مطولاً) في مدته  و لا محدداً في (مكانه) و لعلك علمت إن ثورة الاتصالات و تقنية المعلومات المعاصرة جعلت مهمة انعقاد مجالس النميمة أبسط من أن تحتاج لتفاصيل كثيرة و أوسع انتشاراً من أن يحدها حدود الدول...!!!
النصيحة يا اخي أن احترس... فإن الكلمة التي تقولها عن غيرك من الناس و لا تلقي لها بالاً قد تكون أمضى من الحسام المهند فتقطع بها أرحاماً موصولة أو أرزاقاً مطلوبة أو شرفاً مصاناً أو مكانة و سؤدداً...و اعلم أنه كلما كنت ممن ينظر إليهم بعين الاعتبار بين الناس (لأي سبب كأن تكون صاحب مال أو سلطان أو جاه أو...إلخ) كلما كان أثر كلمتك أكبر و أخطر..و اعلم أننا رأينا مجالس النميمة لا يعف عنها من ينسبون ل (أكابر قومهم) و لو اعتدل ما اختل من ميزان البشر لكان أولئك من (أصاغر قومهم) و لحق لغيرهم ألا يسمع لقولهم أبداً ...!
و الله أعلم...

0 comments: