طالما سألت نفسي سؤال غريب:
ما الذي أزعج العرب من وجود إسرائيل..؟!
مؤكد أن العرب وجدوا في هذه المنطقة قبل أن توجد إسرائيل ذات الستة عقود من العمر...إسرائيل طرأت على العرب...العرب انزعجوا منها جداً...لماذا...؟!
ما المتعة التي كان يتمتع بها العرب ثم حرموها بسبب وجود إسرائيل ا..؟!
ما الألم الذي كان بعيداً عن العرب و تسببت لهم فيه إسرائيل...؟!
أعلم أن الصهاينة غرباء أتوا إلى المنطقة العربية من مشارق الأرض و مغاربها و أنهم ليسوا من العرب (بل ممن يحتقرون العرب)...لكن هذا ليس بجديد على العرب فمن قبل وفود الصهاينة عليهم كان صراعهم مشهود مع العثمانيين الأتراك و مع الاستعمار الإنجليزي و الفرنسي و الغربي عموماً فلماذا تولدت الحساسية الشديدة من اليهود الصهاينة بالذات..؟!
أعلم أن الصهاينة على غير دين الإسلام و هو الدين الغالب بين العرب...لكن الأوروبيين أيضاً لم يكونوا مسلمين...فلماذا تولدت الحساسية الشديدة من اليهود الصهاينة بالذات..؟!
ثم هل كان العرب قبل وفود الصهاينة على أراضيهم يداً واحدة كدولة أو كشعب أم أنهم كانوا ممزقين لأقاليم خاضعة للخلافة العثمانية أولاً ثم خاضعة للوصاية الاستعمارية بعد إسقاط الخلافة و لما استقلوا عن الاستعمار فضلوا أن يستقلوا فرادى لا كدولة أو شعب واحد و لم يسعوا للوحدة الجادة بعد هذا الاستقلال و رضوا منها بالأغنيات و الأمنيات فكان لدينا بعد التحرر العربي من الاستعمار ما يربو على العشرين دولة مستقلة ثم جامعة دول شكلية...! فلماذا إذن يعترضون على وجود إسرائيل و هي التي لم تفرق لهم شملاً أو تشتت لهم جمعاً...؟!!
أعلم أن الصهاينة خبثاء طامعون في الأرض و الثروة بل و الدنيا و الدين معاً...لكن أرض العرب في الوقت الحالي محتلة فعلياً من غير اليهود فهناك قواعد غربية في الخليج و احتلال إيراني لجزر إماراتية و أسباني لمناطق مغربية و ثروات العرب و على رأسها البترول معظمها أيضاً تحت يد الغرب و في اقتصاده و بنوكه...فلماذا هذه الحساسية الشديدة من طمع اليهود الصهاينة بالذات أليسوا مثل غيرهم...؟!!
تقديري أن العرب ارتقوا مرتقاً صعباً عليهم حين طالبوا بالاستقلال و الحرية و أنهم إذ حلموا بهذه الآمال العظيمة قد قصروا عن أن يصلوا إليها بسبب تخلفهم الحضاري عن ركب الذين كانوا يستعمرونهم و أنه لما تعذر على المستعمر الاستمرار في الاستعمار بالطريقة التقليدية ابتكر حلولاً بديلة كان منها الاستعمار الثقافي و الاقتصادي و غيرها و كان أيضاً منها الاستعمار بالوكالة و كانت إسرائيل أحد هؤلاء الوكلاء و العملاء للمستعمر...عميل مستورد...!
كل هذا أدركه العرب قبل غيرهم...
أدركوا أنهم ليسوا جديرين بعد بالحرية الكاملة و الاستقلال الكامل عمن استعمروهم قديماً...و أدركوا أن مستعمريهم قد وكلوا دورهم الخشن لإسرائيل و اكتفوا هم بممارسة القوة الناعمة و اللعب بالتحكم عن بعد...
من هنا صب العرب جام غضبهم على إسرائيل باعتبارها الإبرة التي تنغرس في لحمهم بينما جبنوا عن الغضب على الغرب الذي يغرسها أكثر و أكثر في لحمهم كل يوم و هم يعلمون و يتغافلون...!
أصبح العرب (يتشطرون على البردعة) لأنهم غير قادرين على (الحمار)...!
و لو كان العرب صادقين في طلب الحرية و الكرامة لكان غضبهم على أنفسهم أول الغضب و لبذلوا الغالي و الرخيص حتى يقفزوا فوق الهوة الحضارية بينهم و بين الغرب أولاً...ثم لصبوا غضبهم بعدها على الغرب الذي حرمهم التقدم و كان و لا زال يسطو على ثرواتهم ثم أخيراً على إسرائيل التي هي مجرد مخلب قط من السهل نزعه إذا مات القط أو شلت يده...!
يا عرب إسرائيل لا تمنع وحدتكم إن شئتم الوحدة بل بالعكس يفترض أن وجودها سبب لهذه الوحدة...
يا عرب إسرائيل تأتي في ترتيب العداوة و الخطورة بعد الغرب الذي زرعها و يرعاها فما لكم تتركون رأس الأفعى و تلهون مع ذيلها...؟!
يا عرب صلوا ما بينكم و لا تتدعوا كذباً أن إسرائيل هي التي قطعته...!
يا عرب أفيقوا يرحمكم الله...!
0 comments:
Post a Comment