رمضان مع يوسف 14 (يوسف
و القميص)...
القميص عند العرب غير الذي
نعرفه في زماننا هذا مما يلبس فوق البنطال (البنطلون) مثلاً...
القميص هو تقريباً الشيء
نفسه لكنه أطول بكثير حتى يصل إلى الساقين أو ما تحتهما...يعني أقرب لما نسميه نحن
اليوم (الجلباب)...
و في زمان يوسف لم تكن
الملابس الداخلية معروفة ...فقط هو القميص و تحته جسد الإنسان مرتديه...و هذا يعني
أن كل أثر من عرق و رائحة و نحوه لهذا الإنسان ستكون مباشرة في قميصه...
لم تذكر القصة لنا أنواع
أخرى من ملابس العصر كأغطية الرأس أو غيرها مثلاً...لكنها كررت ذكر القميص ...قميص
يوسف بالذات غير مرة...و لاحظنا أن هذا القميص كان بطلاً خفياً من أبطالها...
نعم...في ثلاثة مواضع لعب
القميص أدواراً كانت مؤثرة جداً في مسار أحداث القصة...
الموضع الأول كان موضع
إدعاء إخوة يوسف أن الذئب أكله إذ دللوا على صدق هذا بأن خلعوا عن يوسف قميصه ثم لوثوه
بدم حيوان مذبوح أو نحوه ثم قدموه لأبيهم كشاهد لهم...و أبى القميص إلا أن يكشف زيف
إدعائهم فكان رغم تلوثه بالدم الكذب سليماً لا قطع به...فعلم يعقوب أن رواية الإخوة
كاذبة و أن يوسف لا زال حياً لكنهم لن يدلوه على مصيره أو مكانه...فأصابه الألم لفراق
ولده و واجه الألم بالصبر الجميل مستعيناً على ذلك بالله تعالى...
الموضع الثاني كان موضع
إدعاء امرأة العزيز أن يوسف أراد بها السوء...فلما عرض الأمر على الحاضر من أهلها استدل
بالأثر في قميص يوسف المقطوع على صدق إدعائها من كذبه...و أبى القميص إلا أن يكون شاهداً
على عفة يوسف كما كان شاهداً على بقاءه على قيد الحياة...
الموضع الثالث كان موضع
شفاء يعقوب من الحزن و العمى...إذ كان قميص يوسف هو الطبيب الذي أمر يوسف إخوته بإلقاءه
على وجه أبيهم حتى يرد له بصره ثم يأتوا بأهلهم جميعاً إليه في مصر...فكان كما قال...
عجيب أمر هذا القميص ...أو
هذه القمصان...فالمنطقي أن لكل موضع مما سبق ذكره قميص مختلف...الأول قميص غلام لوث
بالدم...والثاني قميص شاب رقيق عند عزيز مصر قد من دبر...و الثالث قميص وزير خزانة
أكبر دولة معاصرة...
مؤكد أنها تختلف شكلاً
و حجماً عن بعضها البعض...لكن يجمعها سر الارتباط بيوسف ...
قميص يوسف سليماً بلا قطع
كان دليلاً لأبيه على بقاءه على قيد الحياة...
و قميص يوسف مقطوعاً من
الخلف كان دليلاً للعزيز على عفة يوسف و أمانته...
و قميص يوسف تفوح منه رائحته
منذ أن فصلت عير إخوته من مصر و حتى ألقي على وجه أبيه كان شفاء من الحزن و رداً للبصر...
إن لقمصان يوسف لشأن...و
لوكنت من رجال الأعمال لامتلكت مصنعاً للقمصان و أسميته (قميص يوسف)...!
ولا زالت خواطرنا حول قصة
يوسف مستمرة...
تابعونا...
0 comments:
Post a Comment