Saturday, July 11, 2015

يا عزيزي اسلام...كلنا دواعش...!

(اسلام بحيري) الذي صخب الناس بسبب انتقاده للاسلام على غير منهج علمي في واقع الامر بنى نقده على فكرتين...
الاولى:
انه لا وجود للاسلام اليوم لان نصوصه (خاصة السنة النبوية) لم تحفظ بالكلية بل لعلها خضعت للتحريف او الحذف او الاضافة...الخ و ان ما بين ايدينا اليوم ليس الا اسلام (مفبرك) و لهذا نحن نقاسي الامرين بسبب من يدعون تطبيقه (كالارهابيين مثلا)...
الثانية:
انه اذا كان للاسلام اثر موجود اليوم من نص صحيح و كنا نرى لتطبيق هذا النص سلبيات خطيرة في حياتنا (كالارهاب مثلا) و كنا نرجع هذه السلبيات لعيوب في فهم النص لا في النص نفسه فاننا في الواقع لسنا اصحاب هذه العيوب بل نحن متبعون و مقرون لاصحابها من السابقين (السلف) كقطيع الغنم الذي يسير خلف قائده بلا تفكير و لو اورده المهالك...
و احسب اننا رددنا في اكثر من موضع على الفكرتين فقلنا اجمالا:
انه لو صح غياب نصوص الدين (اي دين) و شاعت السلبيات لكان للسماء ان ترسل رسولا جديدا يرد الناس الى جادة الصواب...و هذا معناه في حالتنا ان محمد (ص) ليس خاتم الرسل...و هذا معناه خروج من الاسلام...!
و اما ان عيوب فهم النص ترجع الى اتباع السلف دون تجديد او تطوير فهو صحيح و هذا لا يعيب السلف لانهم لم يامروا به اصلا و لا هم يسالون عن تكاسل غيرهم ممن اتوا بعدهم في ان يحذو حذوهم و يقدم فهما معاصرا حتى ان اختلف مع فهمهم ما دام عليه الدليل العلمي الصادق...
الجديد عنا اننا في زحام الهجوم عليه غفلنا عن سؤال اسلام بحيري و سؤال انفسنا سؤالا هاما...
لماذا و كيف حدث هذا التجمد في الفهم...؟!
و اذا اردت ان تجيب عن سؤال في الزمن الماضي فليس امامك الا ان تفتح كتاب التاريخ و تقراه بنزاهة ...
تماما كما يفعل الطبيب حين يسال المريض عن (التاريخ المرضي) ليقف على طبيعة هذه المرض و تطوره...
و سنبدا على غير العادة في قراءة كتاب التاريخ من اخره...يعني من الحاضر...و لعل هذا يكون اوفر للوقت و الجهد و انفع للفهم....
(الارهاب باسم الاسلام)...
(داعش) ربما ابرز ملامحه حاليا...
ظاهرة طفت مؤخرا فوق سطح ما سمي (الربيع العربي)...و لا كان هذا ربيعا و لا ذاك اسلاما...!
فسرنا الامر بانها مؤامرة امريكية غربية لها اهدافها...حرب بشكل جديد قلنا انه الجيل الرابع من الحروب و اسهبنا في التدليل على هذا...و ربما كان هذا صحيحا فعلا...
لكنه لم يفسر لنا لماذا نجحت المؤامرة كل هذا النجاح او كادت...؟! 
كيف طوع الاسلام و هو الدين المتين ليصبح ضد المسلمين و لصالح اعدائهم...؟!
و بما اننا نقرا كتاب التاريخ كان علينا ان نقلب في صفحاته بحثا عن اجابة سؤال مهم:
هل سبق ان حدث هذا الموقف العجيب في الماضي...؟
و اليك الاجابة الصادمة...
نعم...
حدث و ما تراه اليوم ليس الا امتدادا طبيعيا له ...

و كل ما فعلته امريكا و الغرب انها كشفت عن هذه العورة و ايقظت ما كنا نتصوره نائما من الفتنة...
هل سالت نفسك سؤالا بسيطا لكنه حاسم في شرح الامر...
اذا كان الاسلام علما واحدا نافعا صالحا لكل زمان و مكان (و هو كذلك) فلماذا انقسم المسلمون انفسهم على انفسهم...؟!
لماذا يوجد لدينا اكثر من عشرين دولة عربية مسلمة و اكثر من خمسين دولة في العالم كله مسلمة...؟
و لماذا في كل دولة منها مؤسسة دينية (اسلامية) مختلفة عن جارتها...؟
و لماذا لا يخالف علماء هذه الدولة (ابدا) حكامها ...؟ 
لماذا اصبح للاسلام وجوها مختلفة...؟
مثلا:
هذا سني و ذاك شيعي...
و السني سلفي و اخواني و...و السلفي معتدل و متطرف و...
و الشيعي اثنا عشري و غيره...
الخ
و لعلك تلحظ في كتاب التاريخ ايضا:
ان هذه الوجوه (الاسلامية) اطلت على الدنيا ربما قبل ان تولد امريكا ذاتها...!
قبل اي مؤامرة...من اي احد...
و ان هذه الوجوه (الاسلامية) تقاتلت غير مرة فيما بينها...
نعم...تقاتلت و قتلت بعضها البعض و كلها يرفع شعار الاسلام و يدعو لنصرة الدين و عليه يبرر قتل الاخر و استباحة ماله و عرضه و ارضه باسم الدين...
الواضح هنا ان الاسلام الذي نعرفه او نتمنى ان ينتصر ليس هو الاسلام الذي استعمله هؤلاء المسلمون لقتل بعضهم بعض قبل ان تولد امريكا و لا مؤامراتها...
و الحق ان الاسلام علم و حكم...دين و دنيا...
لما توفي الرسول (ص) و من بعده الخلفاء الراشدون انفصل العلم عن الحكم...
صحيح انه انفصل بدرجات متفاوتة عبر التاريخ...لكنه انفصل...
و ترتب على هذا ان ورث العلماء العلم و ورث الحكام الحكم...
و سعى كل حاكم او حتى طالب للحكم لان يدعم مركزه في الحكم بعلماء او حتى طلاب علم...فقرب اليه من يوافقه و اغدق عليه التقدير المادي و المعنوي...و ابعد عنه من يخالفه و صب عليه كل نقيصة و كل عذاب...
فكان الصراع على الحكم سببا في تفسخ العلم و التعصب لارائه عصبية جاهلية لا علاقة لها بالعلم...!
راينا الاتراك المسلمون السنة يقتلون المماليك المسلمون السنة و يستولون على الخلافة بالقوة...
و راينا جيش محمد علي والي مصر المسلم السني يقتل جيش الخليفة التركي المسلم السني و يكاد  ينتزع منه الخلافة بالقوة ايضا...
و راينا غير هذا كثير...
و بالطبع كان تحت راية كل جيش من هذه الجيوش التي تقتل و تاسر و تستولي على اموال و اراضي المسلمين لصالح مسلمين غيرهم...كان معه علماء يدعمون شرعية فعله باسم (الاسلام)...!
و لو تتبعت اصول كل فرقة من المتقاتلين المسلمين لوجدتها متشابهة...
قبائل او شعوب اعتنقت الاسلام....
توحدت بالقوة تحت راية قائد لها...
اقامت دويلة...
سعت لتوسعة هذه الدويلة و لو على حساب جيرانها من المسلمين بمن فيهم الخليفة و عاصمة الخلافة...
الخليفة او راس المسلمين لم يكن يعنيه من الامر الا ان يكون الصراع بعيدا عنه و الا ينتصر فيه الا من يحتفظ بولاءه له...فكان يمنح الشرعية (الاسلامية) لمن يستوفي هذه الشروط و يحجبها عمن لا يستوفها...
و تستمر اللعبة حتى تزول خلافة بخلافة جديدة تنتزع الحكم بالقوة...
و هكذا...
اذن نحن امام حالة (حكم) لا يدرك الا بالقوة...و (علم) مقهور على تبعية الحكم...
اذن طبيعي ان يفكر كل ذي همة او طموح للسلطة في امتلاك القوة...و لهذا طبيعي في رحلة البحث عن القوة و في استخدامها للبحث عن السلطة ان تضل الخطى و لو احيانا...و هنا مدخل مناسب جدا لوضع اساس الارهاب...
و طبيعي ايضا الا ينتج العلم المقهور اي تجديد او تطوير...و لهذا طبيعي اننا اصبحنا نشتكي تاويل نصوص الدين بما لا يناسب العصر و بما يشجع الارهاب...
اذن اللعبة مستمرة منذ قرون...
سواء بالمؤامرة او بدونها...
اللعبة ذاتية الحركة و المؤامرة فقط عامل محفز...
اذن داعش هي محاولة استنساخ جديدة للعبة قديمة (جدا)...!
الجديد في الامر ان هذه المرة حقائق العصر العسكرية ...يعني حقائق القوة ...اصبحت لا تبقي و لا تذر...يعني البحث عن القوة و عن استخدامها قد لا يوصل الى الحكم بل الى يوم القيامة...!
و يبقى السؤال الاخير:
كيف نتخلص من الداعشي القابع في عقل كل منا...؟
كيف لا تكون القوة هي السبيل الاوحد للوصول للسلطة...؟
كيف تكون السلطة امانة و لا تكون الامانة غنيمة... ؟
كيف تطلب السلطة الانسان ذا الهمة و لا يطلبها هو...؟
كيف نجد من هو قادر على جمع الحكم و العلم من جديد...؟
فكروا معنا و شاركونا رايكم....

0 comments: