Saturday, June 20, 2015

رمضان مع يوسف 4 ( يوسف و الأسرة)...

رمضان مع يوسف 4
(يوسف و الأسرة المعاصرة)

الأسرة هي الوحدة البنائية لأي مجتمع...و عناصرها هي الأب و الأم و الأبناء...و يمكنك الحكم على ماضي و حاضر و مستقبل أي مجتمع من خلال تقييم أحوال الأسرة فيه...
يعني مثلاً:
هل الأسرة موجودة أصلاً أم أنه مجتمع أطفال الشوارع و اللقطاء ؟
إن كان هناك أسرة هل هناك قيم و مباديء حاكمة لكيفية تأسيس هذه الأسرة و لدور كل فرد فيها أم أن المسألة أهواء متلاطمة يبنى عليها أبنية هشة تعطى زوراً اسم أسرة ؟
في قصة يوسف رأينا نموذجين للأسرة المعاصرة له...أسرة يوسف و أسرة العزيز...
أسرة يوسف كانت أسرة بدوية واضح فيها ظواهر مثل تعدد الزوجات و كثرة عدد الأولاد و بالمقابل أسرة العزيز التي تعيش في قصر بالحضر كانت تعاني من العقم و تبحث عن الولد بالتبني و لو من بين الرقيق...
أسرة يوسف كانت تعاني من أمراض مثل التنافر بين الأبناء الغير أشقاء و الغيرة من الأخ المتميز و بالمقابل أسرة العزيز كانت تعاني من الحرمان العاطفي و من محاولة الخيانة الزوجية (من جانب الزوجة)...
EG-[A_BA[ALLC_ALLS_ALLB]:Ramadan (614x430)


أسرة يوسف شهدت البذرة الأولى لفكرة (القبيلة) و أعطى أخوة يوسف الغير أشقاء نموذجاً (للعقلية القبلية) بكل عنصريتها البغيضة حتى تجاه أخوين غير شقيقين...
فقد رأينا الأحد عشر الغير أشقاء ليوسف منذ بداية القصة و هم يعدون أنفسهم كتلة واحدة أو قطيع منفصل عن أخويهم الغير شقيقين على طريقة (نحن) و (هم)...و يركنون لكثرة عددهم (الأكبر من عدد الإخوة غير الأشقاء) و يرونها سبباً كافياً لنيل محبة الأب (خلافاً لعاطفة الأبوة و الأمومة التي تتعاطف أكثر مع الأضعف و ليس الأقوى من بين الأبناء...!) و سبباً للنصر على أي تهديد في المرعى (و هو ما لم يحدث حين تخلصوا من يوسف و تحججوا باللعب و بالذئب...!)...
رأينا الأحد عشر أخ يتحركون دائماً في قطيع واحد...له كبير لا يخالفون رأيه...ذهاباً إلى الرعي و هم صغار ثم سفراً لمصر و إياباً منها و هم كبار...و رأينا الأحد عشر أخ يشتركون في جريمة واحدة للتخلص من يوسف دون أن يخالف واحد القطيع أو يشذ عنه قبل أو أثناء أو بعد الجريمة ...و حتى حركتهم في مصر دخولاً لطلب الميرة من وزير خزانة مصر كانت في قطيع واحد مكون من أحد عشر رجل و هو ما لفت نظر يوسف فعرفهم به و استغله كما جاء بالقصة ليستدرجهم لإحضار أخيه إليه و هونفسه ما حاول يعقوب أن يغيره فيهم بعد ذلك حماية لهم و لأخيهم ...
السلوك القبلي واضح إذن...
 أسرة العزيز بالمقابل شهدت حالة من التفكك و سطحية العلاقة بين العزيز و امرأته فهو لما تأكد من أن يوسف لم يجبها لطلبها لم يلمها على فعلتها أو يستنكرها أو يعيرها مثلاً بأفضاله عليها أو يذكرها بعلاقته بها أو مثل هذا مما يحدث في هذه المواقف...و هو لم يأمر بنقل يوسف لقصر آخر أو لمكان مختلف أو أوصى بمراقبته مثلاً أو غير هذا...
فقط اكتفى بنصحها بالاستغفار و بنصح يوسف بنسيان الأمر...و انهى الموقف ببرود حرصاً على سمعته و مركزه الأهم في حياته ...!
إذن الأسرتين اللتين ذكرتا في القصة جمعتا سلبيات كثيرة جداً بينت لنا أن المجتمع المعاصر ليوسف لم يكن مجتمعاً مثالياً أو حتى قريباً من المثالية...بالعكس كان مجتمعاً أقرب للتفكك الأسري و الأزمات العاطفية وربما التحلل الأخلاقي فضلاً عن الإرهاصات الأولى للقبلية و العنصرية...
و خلال خواطرنا حول قصة يوسف سيكون لنا ملاحظات أخرى بإذن الله حول هذا المجتمع من زوايا مختلفة ستكشف لنا حقيقته و تعلمنا دروساً منه و تهمس في خلفية كل مشهد بالمقارنة بينه و بين مشاهدنا المعاصرة...
تابعونا...

0 comments: