Thursday, June 18, 2015

رمضان مع يوسف...٢


و خرج الساقي من السجن ليعود ليباشر عمله في القصر بعد ثبوت براءته...
و تدخل الشيطان فانساه وصية يوسف بان يرفع مظلمته الى الملك فظل يوسف سجينا بضع سنوات حتى جاء يوم اقضت فيه رؤية منامية غريبة مضجع الملك نفسه...استدعى لها كبار رجال القصر علهم يريحوه بتاويل مقبول لها لكنهم خذلوه و صرحوا بقصور علمهم عن هذا...وبالطبع كان ساقي الملك حاضرا في خلفية هذه الاحداث و هنا تذكر بعد مدة طويلة ما كان يجب ان يتذكره من امر يوسف رفيق السجن السابق الذي اول له و للخباز الرؤيا فكانت كفلق الصبح...
صاح الساقي انا اعلم من يفسر لنا هذه الرؤيا و مكانه هو سجن كذا و بالطبع قبل الملك بارسال الساقي الى هذا الشخص في هذا السجن لانه لا امل الا هو...
و فعلا كان يوسف عند حسن الظن به و اول الرؤيا تاويلا مقنعا و مفصلا بشكل اراح الملك بعد تعب و في نفس الوقت استلفت نظره ان يحبس شخص كهذا فطلب استدعاءه...


و ابى يوسف ان يخرج من السجن لكفاءته و اشترط الا يخرج الا ببراءته...
و استدعى الملك امراة العزيز و نساء المدينة شريكاتها في اتهام يوسف بالباطل و الوشاية الكاذبة به...و لم يكن امامهن بد من الاعتراف بالحق و ظهرت براءة يوسف فوق اعلى مكان في مصر...قصر الحكم...
و زاد تقدير يوسف في عين الملك فلم يعد مجرد انسان على علم بل و على خلق...اذن بمن يستعين في الحكم ان لم يكن هذا القوي الامين...؟!
و فعلا عرض الملك على يوسف ان يختار من مناصب الدولة ما يراه مناسبا لمعاونة الملك في الحكم...فاختار وزارة الخزانة او المالية حيث هي احوج وزارات مصر للضبط و الكفاءة في ظل تاويله لرؤيا الملك بان مصر ستمر بتقلبات عنيفة ما بين سبع سنين رخاء ثم سبع اخرى من القحط...
اختار يوسف المهمة الثقيلة الصعبة و بدا مباشرة عمله ميدانيا فكان يتنقل بين ربوع مصر كما يشاء لمتابعة العمل بنفسه و الاشراف على تنفيذ خطته للانقاذ و حماية البلاد و الاقاليم التابعة لها من حولها...

EG-[A_BA[ALLC_ALLS_ALLB]:Ramadan (614x430) و لما حلت السنون العجاف طال القحط البادية حيث يعيش اخوة يوسف و اهله...فجاءوا لمصر طلبا للميرة التي نجح يوسف في تدبيرها لاهل مصر و من حولها مقابل بضاعة يسوقونها الى مصر...
و دخل اخوة يوسف عليه فعرفهم بينما لم يعرفوه هم فقد تغير شكله من غلام حيث القوه في الجب الى رجل كبير تجاوز الاربعين و من ابن البادية ذي القميص البائس الى وزير مالية مصر ....
يوسف لاحظ ان شقيقه ليس بين اخوته ففهم انهم كعادتهم القديمة مستمرون كيد واحدة عليه و على اخيه و لذا تركوه مع ابيه و تحركوا معا...
يوسف قرر ان يجبرهم على احضار اخيه اليه فتعرض لهم اولا بالشك فيهم بسبب تحركهم ككتلة واحدة و كانهم عصابة مكونة من احد عشر رجل لا يفارقون بعضهم ابدا....و بالطبع ردوا عليه بانهم يفعلون ذلك فقط لانهم مجرد اخوة اشقاء...فاظهر عدم القناعة بوجود هذا العدد من الاشقاء في اسرة واحدة فزادوه بانهم اكثر من احد عشر و لديهم الثاني عشر تركوه مع ابيه لانه ليس شقيقا...!
و هنا تاكد يوسف من خبر اخيه و من سوء معاملة اخوته له كما كان يتوقع و فتح ردهم هذا له باب طلب احضار الاخ الثاني عشر كدليل على صدقهم...و الا فلا ميرة و لا بيع او شراء....
و رجع الاخوة الى ابيهم و قصوا عليه ما حدث و انه لا سبيل لطلب مبتغاهم الا باحضار اخيهم....
بالطبع تشكك يعقوب في نوايا بنيه و هو يرى سلوكهم و يذكر فعلتهم مع يوسف....لكنه قبل مضطرا ان يرسل معهم اخاهم بشرط ان يقسموا على الحفاظ عليه و ان يعملوا بنصيحة مضادة للحالة التي سببت لهم هذا الموقف...يعني ان يتحركوا متفرقين لا مجتمعين و بالتالي يدخلون لطلب حاجتهم  من ابواب مختلفة حتى لا يتشكك فيهم احد مرة اخرى...
و فعلوا كل ما امرهم ابوهم به...و لكن يوسف الذي علمه ربه علما فوق هذا الذي حاول به يعقوب حماية ابنه به كان في انتظار شقيقه ليستخلصه من اخوته بحيلة اخرى...
دس يوسف السقاية الملكية في امتعة اخيه ليبدو كانه سرقها...!
و بعد ان انهى معاملات اخوته و تحركت قافلتهم عائدة لبلادهم جعل احد مساعديه يستوقفها على انها قافلة لصوص...و لما وجه اليهم تهمة سرقة صواع الملك انكروا بالطبع و قبلوا التفتيش لاثبات براءتهم بل و قبلوا بتوقيع العقاب وفق شريعتهم هم على السارق ان كان منهم امعانا في الثقة ببراءتهم...ففتش يوسف امتعة اخوته قبل متاع شقيقه ليصرف اي شك عن استهداف اخيه...و بالطبع نجحت الحيلة و ثبتت تهمة السرقة على شقيقه و لم يتردد اخوته في خذلان اخيهم المظلوم بل ايدوا الواقعة بقصة قديمة اتهم فيها يوسف بالسرقة ظلما من عمته حتى تستبقيه عندها....
يوسف على الفور طبق عليهم ما اعلنوا قبوله سلفا من عقوبة السرقة و هو استرقاق السارق....يعني ضمنا استبقاء شقيقه عنده...
و هنا ادرك اخوة يوسف انهم على شفا حنث باليمين الذي ادوه لابيهم بالحفاظ على اخيهم فعرضوا على يوسف ان يستبدلوا اخاهم السارق باخر حتى يصدقهم ابوهم و بالطبع رفض يوسف...فوقع جدال بين الاخوة و قرر كبيرهم البقاء بمصر و عدم العودة معهم حتى يقضي الله في امره او ياذن له ابوه...
و كان حزن يعقوب شديدا حين بلغه الخبر فقد هيج عليه ذكرى يوسف ايضا و كف بصره من شدة حزنه...
و في الرحلة التالية لطلب المؤنة من مصر تحرك اخوة يوسف بنصيحة من الاب النبي بان يتلمسوا اهبار يوسف و اخاه و لكنهم بالطبع استخفوا بها....


و في مصر قابلوا يوسف هذه المرة و قد كسرتهم الحاجة و مرض الاب و ثبوت السرقة في حق احدهم سابقا فلم يجدوا بدا من استعطافه الى حد طلب الصدقة بشرح ظروفهم هذه اليه عله يرفق بحالهم و يعاملهم بالفضل...
و هنا رق يوسف فعلا لحالهم فسالهم في توبيخ مستتر عن ظرف مشابه لما هم فيه مروا به سابقا مع اخ لهم يدعى يوسف ....و كانما افاقهم الاسم من غفوة نسيان نصيحة الاب فعرفوا ان من يكلمهم هو نفسه يوسف اخوهم...و اكد لهم يوسف هذا و بين لهم ما هو و اخوه فيه الان من فضل الله و كانه يدعوهم لمقارنة مصير من اجرموا بحقهم بمصيرهم هم الان....
فطاطاوا الرؤوس و اقسموا ان الله فعلا فضله عليهم و انهم كانوا مخطئين و معتذرين...
و قبل يوسف اعتذارهم و امرهم بالعودة للبادية لاحضار اهلهم جميعا ليعيشوا بجواره في مصر و بالقاء قميصه على وجه ابيه لان ذلك سيذهب عنه العمى الذي اصابه حزنا....
و فعلا جاء الاخوة و الاب و الام و دخلوا قصر يوسف الملكي و اجلس يوسف ابويه على كرسي سلطانه تكريما لهما و انحنى الجميع امامه اداءا للتحية الرسمية في هذا الزمان فكان هذا تصديقا لرؤياه اول القصة غلاما صغيرا...
و تسامحت الاسرة و عاشوا جميعا في مصر الى ما شاء الله...
و كانت النهاية السعيدة لاحسن قصة في الدنيا....
سنتابع لاحقا ان شاء الله ما نستخلصه منها من عبر و دروس و ما يجول حولها بعقولنا من خواطر ايمانية عسى ان ينفعنا الله بها و اياكم...


0 comments: